رجال أكفاء حاولوا تقديم شيء وعجزوا عنه

يمنات
ماجد زايد
بغض النظر عن الأخبار الغامضة حول أحمد غالب الرهوي، هذا الرجل ليس قياديًا بجماعة محددة، ليس شخصًا خطيرًا في معظم الأحوال، هو ككثير من الشخصيات اليمنية المقيمة في صنعاء، رجال أكفاء حاولوا تقديم شيء وعجزوا عنه، وجدوا أنفسهم في وطن ابتلعته العواصف والصراعات، وطن صار كتلة ضيقة لفئات متقاسمة، فحاولوا فعل أي فرق من وجودهم، حتى أدركوا أنهم فعلًا بلا خيارات متاحة أو قرارات حاسمة، لا هم قادرون على الترك أو الرحيل، ولا هم قادرون على فرض صلاحياتهم الافتراضية، وأمام هذا كله، قرروا خوض ما أقحموا أنفسهم فيه، كمواجهة عبثية أوجدها الدافع الأخلاقي في حياتهم، لهدف نبيل، أن يظلوا إلى جانب الناس، حتى لو لم يستطيعوا تغيير الواقع الصعب.
أحمد غالب الرهوي، رئيس وزراء حكومة صنعاء، صادفته عدة مرات في صنعاء، أحدها بمؤتمر علمي وأكاديمي، أتذكره يومها جيدًا، كان يجلس في الصف الأول، رئيسًا للوزراء، وجواره عن اليمين شخص بلا توصيف رسمي، لكنه من عمق الحاكمين، لهذا كان أكثر أهمية من رئيس الحكومة، في ذلك اليوم، بين لحظة وأخرى، كان بعض الحاضرين يهتفون بأعلى أصواتهم، كان الكثير ينجرون معهم، لكنني بقيت أتأمل الرهوي، ماذا يفعل؟ كان يحرك قبضته ويضرب على ساقه، كأنه يصرخ معهم، لكنه لا يصرخ، كان يحرك يده فقط، وفي قلبه يعرف جيدًا من يكون.
ملامح هذا الرجل كانت بائنة في وجهه دائمًا، عن تكنوقراط ألقته المقادير داخل آلة ضيقة، حتى أصبح في واجهة العاصفة، ومع هذا كله، لم يرهن وجوده في مكانه لأهداف الصارخين، كان وجوده محاولة يائسة لمنع طحن الآخرين، لغاية وحيدة عله يستطيع فعلها، ربما لمنع أكبر قدر ممكن من الضياع، لكنه لم يفعل ذلك، ولم يستطع توضيع الحياة من حوله. الرهوي لم يخدم مشاريع سلطة صنعاء، بل حاول تحقيق مشروعه الخاص من واجهتها، كخدمة للوطن والشعب، والناس أجمعين، لهذا يحسب له صمته الصعب في مكانه، يحسب له بقاءه العدمي ضمن أروقة الحاكمين.